"ماجدة" قدوة للشباب والكبار أيضاً

منذ حوالى ٣٠ عاماً وأثناء فترة تدريبى بجريدة الأهرام الصحيفة الأشهر فى المنطقة العربية استمعت إلى حديث دار بين الكاتبة الصحفية المخضرمة آمال بكير وبين احد الصحفيين الكبار إنذاك فقد كانت الأستاذة أمال تتحدث عن ملحن لبنانى موهوب لم اكن أعرفه ولا حتى اسمع عنه على الرغم من أنه قدم أكثر من ألفي لحن ، ولكن أهم ما استوقفنى فى كلامها أن هذا الملحن هو الذي اكتشف قيثارة الغناء العربي فيروز التى كانت وماتزال معشوقة جيلى بل والأجيال المتعاقبة إلى وقتنا الحالى‪.‬

 أما بالنسبة لحياته الخاصة فإنه في أواسط الثلاثينات كان يتنقل بين فلسطين ومصر ثم أكمل تعليمه الموسيقي في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية بالقاهرة، منهياً دراسته في مدة سنتين بدلاً من ٦ سنوات وذلك نتيجة نبوغه في مجال الموسيقى‪.‬

بعدها قدم أولى حفلاته في الإذاعة المصرية، ثم شارك كمطرب وملحن من خلال المسارح والاستعراضات، ولُقُب حينها بأنه «خليفة أم كلثوم»، لإبداعه وتميزه في مجال الغناء‪.‬

تذكرت تلك الحكاية عن  هذا الملحن وأنا أستمع إلى النجمة الكبيرة ماجدة الرومى لأنه ببساطة شديدة كان  هو والدها الراحل حليم الرومى  ، وها هى ابنته النجمة المتألقة قد استطاعت وعبر مشوار فنى حافل بالنجاحات أن تجبر الجميع على احترامها والاحتفاء بها وبفنها فانطبق عليها المثل الشهير " ابن الوز عوام".

ماجدة الرومى أبهرت جمهورها وهى تقف على خشبة المسرح الكبير بالأوبرا فى ختام حفلات مهرجان الموسيقى العربية الذى تنظمه سنوياً دار الأوبرا المصرية بمشاركة نخبة من كبار المطربين فى مصر والدول العربية ، والحق يقال فإن هذا الابهار لم يكن نتيجة اختيارها الدقيق لمجموعة الاغنيات التى شدت بها وإنما يرجع إلى ذكائها الشديد وانتقائها لكلماتها وهى تخاطب الجمهور من القلب ليصل كلامها إلى القلب بسهولة ويسر، وبالفعل استطاعت ماجدة الرومى فى هذا الحفل أن تصنع حالة خاصة جداً مع جمهورها الذى شعر بصدق مشاعرها وهى تتحدث عن مصر وعظمة شعبها وفضلها على كافة الأقطار العربية  باعتبارها الشقيقة الكبرى التى كانت وماتزال بل وستظل قلب الأمة العربية النابض بالحياة.

تذكرت هذا الملحن الرائع وأنا استمع إلى ابنته وهى على هذا النحو من الذكاء فبكل تأكيد أن ما اتسمت به من صفات نبيلة فإنه نتيجة تربيتها فى بيت كانت تفوح منه جينات الإبداع خاصة أنها فتحت عينيها وهى ترى من حولها فى بيت والدها عمالقة الفن من كتاب وملحنين ومطربين ، فرضعت الموهبة وهى ما تزال فى سنوات التكوين فاستطاعت ان تحتفظ لنفسها حتى الآن بتلك المكانة المرموقة التى تحتلها فى ساحة الغناء بالوطن العربى .

أكاد اجزم بأن كل من استمع إلى ماجدة الرومى فى هذا الحفل التاريخى والاستثنائى فى دار الأوبرا المصرية تأكد وبما لا يدع مجالاً للشك أنها أصبحت مثل "عصا موسى" التى ما أن القى بها حتى تحولت إلى حية تسعى ابتلعت كل الثعابين من حولها .. فماجدة  الرومى بتلك الحالة من التألق والتميز والنجومية كشفت  عدداً ليس قليل من النجوم حيث فضحت تمثيلهم وكشفت زيف مشاعرهم وهم يحاولون بشتى الطرق سرقة مشاعر جمهورهم بالاكراه .

نحن الأن فى أشد الحاجة إلى نجوم من نوعية ماجدة الرومى يشعرون بقيمة ما يقدمونه من فن راقى ويحترمون عقول جمهورهم فيخاطبوهم بصدق وبكلام نابع من القلب حتى يصل إلى القلوب ويدخلها بلا استئذان ففى هذه الحالة سوف يصبح هذا الفنان أو ذاك قدوة للشباب وللكبار أيضاً مما يتغمس بالايجاب على المجتمع بالكامل .

تعليقات القراء

تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع