حينما كنت اتابع حفل افتتاح الدورة الأربعين من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أحسست أن هناك روح جديدة بدأت تدب فى جسد هذا الكيان الذى تعرض خلال السنوات الاخيرة لهزات عنيفه جعلتنا ننظر اليه بنوع من الشفقة ونتعامل معه وكأنه "عزيز قوم ذل" بل اصبحنا نترحم على ايام كان فيها هذا المهرجان ملء السمع والابصار وكان يشار اليه بالبنان من مختلف انحاء العالم باعتباره احد اهم واقدم المهرجانات السينمائية فى العالم.
الحق يقال أننى لم افاجأ بما شاهدته فى حفل الافتتاح فقد كنت اتوقع بالفعل أن يخرج هذا الحفل الذى اقيم بدار الأوبرا على هذا النحو من الدقة فى التنظيم والروعة فى اختيار الفقرات والربط بينها بانسيابية حتى لا يتسرب الملل الى متابعى الحفل سواء الذين كانوا داخل المسرح الكبير بالأوبرا أو الذين كانوا يلتفون حول شاشة التليفزيون ..وهذه الثقة التى اتحدث عنها ترجع الى أننى على دراية تامة بقدرة الدكتورة ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة على اقتحام الصعاب وأعى جيداً اصرارها الدائم على تحقيق النجاح بأقل تكلفة مادية وبشرية وهو ما ترجمته بالفعل على ارض الواقع باختارها المبدع الشاب محمد حفظى ليتولى رئاسة هذه الدورة من المهرجان وراهنت على امكاناته وقدراته فى تحقيق نقلة نوعية سواء من حيث الشكل أو المضمون فى دورة العام الحالى من المهرجان فكانت النتيجة على هذا النحو من الروعة التى رأيناها فى حفل الافتتاح الذى جعلنا نعيش حالة من البهجة ونحن نتذكر الايام الحلوة والزمن الجميل ونتنفس هواء الريادة الذى كان يفوح بعبق التاريخ محلقاً فى سماء دار الاوبرا مؤكدا لنا مجدداً وبما لايدع مجالاً للشك اننا قادرون على تعويض ما فاننا وما سرقه منا الاخرون فى غفلة من الزمن خلال سنوات عجاف ابتلينا فيها بمن لم يدركوا أننا دوله عظيمة وعريقة وصاحبة ريادة فى مجالات الابداع وغير الابداع فتراجعنا فى مجالات ما كان يجب ان نتركها للصغار وانصاف الموهوبين فى دول لم تكن تعرف الفرق بين الالف من كوز الذرة حينما كان المبدع المصرى يسعد الملايين وينشر البهجة ويرسم الابتاسمة على الوجوه من المحيط الى الخليج.ولأننى احرص بشكل دائم على البحث عن التفاصيل وماوراء التفاصيل ايضاً فقد استوقفنى فى حفل الافتتاح تلك الحالة من الشعور بالانتماء للاسرة الصغيرة وبالتالى الانتماء الى الوطن ككل وهو ما شعرت به فى اجابات النجوم على اسئلة مقدمى الحفل فى قناة دى ام سى وهى الاسئلة التى تتعلق بامنيات النجوم فى عام ٢٠١٩ فقد كانت الاجابة السائدة والتى تكررت اكثر من مرة هى أن ينعم الله عليهم بنعمة الترابط الاسرى وان يكون عام خير وبركة على عائلاتهم .. وهو ما يضع ايدينا على ان هؤلاء النجوم قد ركزوا على مسألة مهمة وهى انه بدون الاسرة لن يكون هناك مجتمع متماسك اصلاً وبدون الترابط الاسرى لن يكون هناك اى انتماء للوطن .. لذا فإننى ارى ان ما حدث فى حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى تحول الى ما يشبه "درس خصوصى" فى تربية الشباب على ضرورة الانتماء لوطن كبير يستحق بالفعل ان يكون كبيراً بشبابه وان يكون كبيراً بتطلعاته نحو المستقبل فى ظل قيادة سياسية تتحرك فى جميع الاتجاهات وعلى كافة الاصعدة من اجل وضع مصر فى المكانة الدولية التى تستحقها عن جدارة .. الأمر الذى يدعونى الى القول أن ما حدث فى افتتاح المهرجان كان بمثابة رسالة تقول للجميع "علموا اولادكم الانتماء الى الوطن"
تعليقات القراء
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع