نقطة "مياه" أم حبة "رمل"

بينما كنت أتصفح ما وصلنى من رسائل عبر بريدى الالكترونى وجدت رسالة مهمة من صديقى الدكتور احمد حواس بقدر ما اسعدتنى تلك الرسالة بقدر ما اربكتنى وجعلتنى مشدوداً نحو مسألة فى غاية الأهمية تتعلق بحالة التخبط الشديد الذى اصبح عليه حال الغالبية العظمى من الشباب الآن خاصة وأنه نتيجة ظروف كثيرة ومتشابكة لم تعد تلك النوعية من الشباب يمتلكون القدرة على تحديد الطريق الصحيح الذى يسلكونه فى الحياة

فكانت النتيجة ان اعداداً ليست قليلة منهم ارتمت بمحض ارادتها فى احضان الجماعات المتطرفة وقوى الشر التى تجيد وتحترف اللعب على الوتر الحساس بأساليب " الضحك على الذقون" .

لقد تضمنت رسالة الدكتور حواس جزء مهم من مقال قديم  للمفكر الراحل أنيس منصور كان قد تناول فيه الفرق بين نقطة المياه و حبة الرمل ، فنقطة المياه تحيا بالضرورة مع شقيقاتها ، تتعاون معهن ، و بدونهن قد لا تسوى شيئا .. بل تفقد معناها و ما تتميز به من أنها مصدر سعادة لمن حولها حيث تهب الحياة لخلق الله ، و تتسبب فى نمو النبات المزروع ، و إطفاء الحرائق ، ولها تأثير كبير فى نظافة الأبدان .. و إلى غيرها  من أمور كثيرة تدعم الحياة وتجلب الخير والنماء .

أما حبة الرمل فتحيا بمفردها .. مستقلة ، و لا تفقد كينونتها فى حالة استغنائها عن صديقاتها حبات الرمل الأخريات ، كما أنها تستطيع الطيران وحيدة  والذهاب إلى المكان الذي تقصده بمفردها ، بمساعدة بسيطة من الرياح .. بل إنها تستطيع الدخول فى أى مكان بمفردها وقد تسبب الأذى لأى شئ تقع عليه مثل محرك السيارة أو أعين البشر والكائنات الحية ، فهى أنانية بطبعها بسبب حرصها على العيش بمفردها.

انتهت الرسالة ولم تنتهى التساؤلات فى ذهنى بشأن هؤلاء الشباب الذين يعيشون بيننا ولا يفكرون الا فى أنفسهم  ولكن التساؤل الاهم والأبرز فى تقديرى يتعلق بإعادة تساؤل الفيلسوف الكبير أنيس منصور الذى وجهه من قبل الى قرائه ، وهو : هل تحب أن تكون نقطة مياه ؟ أم حبة رمل ؟ 

اعتقد اننا فى أشد الحاجه الآن لأن نعيد الاعتبار لجيل الشباب وذلك بأن نستحضر بداخلهم روح "نقطة المياه" فى مواجهة سيطرة وسطوة "حبة الرمل" التى بسبب انانيتها وحبها لنفسها قد تحول المجتمع كله الى ما يشبه الجحيم لأن هؤلاء الذين يعيشون بيننا ويرتبطون بالوطن بالاسم فقط ، هم فى حقيقة الأمر الخطر الحقيقى على مصر .. الوطن الكبير الذى كان وما يزال يستحق منا الكثير والكثير .


تعليقات القراء

تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع